الفرق بين الدائن والمدين: شرح مبسط بالأمثلة وقاعدة الذهب

في عالم المال والأعمال، سواء كنت طالبًا في كلية التجارة، أو رائد أعمال تدير مشروعك الخاص، أو حتى مجرد شخص فضولي يسعى لفهم كيفية تسجيل حركة الأموال، فلا بد أنك قد اصطدمت بمصطلحين يشكلان حجر الزاوية في علم المحاسبة بأكمله: الدائن والمدين. قد تبدو هاتان الكلمتان في البداية مربكتين أو حتى متناقضتين، لكن فهم الفرق بين الدائن والمدين هو المفتاح لفتح أبواب المحاسبة وفك شفرة لغة الأعمال. هذا المقال ليس مجرد شرح تقليدي، بل هو رحلة شاملة ومرجعية ستأخذك من التعريفات الأولية إلى أعماق التطبيقات العملية، لتضمن أنك لن تخلط بينهما مرة أخرى أبدًا.

إن إتقان قاعدة الدائن والمدين لا يقتصر على المحاسبين المحترفين فحسب، بل هو مهارة أساسية تمكن أصحاب المشاريع من قراءة القوائم المالية لشركاتهم بثقة، وتساعد المستثمرين على تحليل أداء الشركات قبل ضخ أموالهم، وتمنح الطلاب أساسًا صلبًا لا غنى عنه للتفوق في مسيرتهم الأكاديمية والمهنية. سنستعرض معًا شرحا مفصلا يوضح الفرق بين الدائن والمدين بأمثلة عملية من واقع الحياة، ونستكشف طبيعة الحسابات الدائنة والمدينة، ونقدم لك الأدوات اللازمة لتسجيل أي معاملة مالية بكل سهولة ودقة.

ما هو المدين (Debit)؟ المفهوم الأساسي وراء “الأخذ”

الآن ننتقل إلى الطرف الثاني من المعادلة، وهو ما يكمل صورة الفرق بين الدائن والمدين.

لفهم الفرق بين الدائن والمدين، يجب أن نبدأ بتفكيك كل مصطلح على حدة. لنبدأ بالمدين. في أبسط صوره، يمثل الطرف المدين (Debit) في أي معاملة مالية الجانب الذي “يأخذ” أو “يستلم” القيمة. فكر فيه دائمًا كوجهة تصل إليها القيمة، سواء كانت هذه القيمة نقدًا، أو أصلًا، أو حتى خدمة. الكلمة اللاتينية الأصلية “Debere” تعني “يدين بـ”، ولكن في سياق القيد المزدوج، من الأسهل التفكير فيه كـ “المستلم” أو “الآخذ”.

عندما نتحدث عن الحسابات، فإن تسجيل مبلغ في الجانب المدين من حساب ما يعني “زيادة” قيمة هذا الحساب إذا كان من الأصول أو المصروفات، ويعني “نقصان” قيمة هذا الحساب إذا كان من الالتزامات، حقوق الملكية، أو الإيرادات. قد يبدو هذا مربكًا الآن، لكننا سنفصل هذه القاعدة الذهبية لاحقًا. المهم الآن هو ترسيخ فكرة أن المدين هو من يستقبل القيمة.

خصائص الطرف المدين:

• المستلم للقيمة: هو الحساب الذي تزداد قيمته عند استلام أصل أو تحمل مصروف.
• الجانب الأيسر: في دفتر اليومية أو حساب الأستاذ، يتم تسجيل الطرف المدين دائمًا في الجانب الأيسر من القيد المحاسبي.
• زيادة الأصول والمصروفات: أي زيادة في أصول الشركة (مثل النقدية، المخزون، السيارات) أو مصروفاتها (مثل الرواتب، الإيجار) يتم تسجيلها كقيد مدين.

مثال عملي بسيط على المدين:

تخيل أن شركتك قامت بشراء جهاز كمبيوتر جديد بمبلغ 5000 جنيه نقدًا. في هذه الحالة، حساب “أجهزة الكمبيوتر” (وهو من الأصول) قد “أخذ” أو “استلم” قيمة جديدة، وبالتالي يصبح هو الطرف المدين في هذه المعاملة. يتم تسجيل 5000 جنيه في الجانب المدين من حساب أجهزة الكمبيوتر.

هذا التوازن الدقيق هو جوهر الفرق بين الدائن والمدين، حيث يضمن أن لكل معاملة وجهين متساويين.

ما هو الدائن (Credit)؟ المفهوم الأساسي وراء “العطاء”

على الجانب الآخر من المعادلة المحاسبية، يقف الطرف الدائن (Credit). إذا كان المدين هو “الآخذ”، فإن الدائن هو “العاطي” أو “مصدر” القيمة. إنه يمثل الحساب الذي خرجت منه القيمة أو الذي قدم المنفعة. الكلمة اللاتينية الأصلية “Credere” تعني “يأتمن على”، وفي سياقنا، يمكن التفكير فيه كمصدر التمويل أو القيمة.

عند تسجيل مبلغ في الجانب الدائن من حساب ما، فإن هذا يعني “نقصان” قيمة هذا الحساب إذا كان من الأصول أو المصروفات، ويعني “زيادة” قيمة هذا الحساب إذا كان من الالتزامات، حقوق الملكية، أو الإيرادات. هذه هي الصورة المعكوسة تمامًا لقاعدة المدين، وهو ما يحقق التوازن في المعادلة المحاسبية.

خصائص الطرف الدائن:

• المعطي للقيمة: هو الحساب الذي تنقص قيمته عند تقديم أصل أو الذي يمثل مصدر الإيراد أو الالتزام.
• الجانب الأيمن: في دفتر اليومية أو حساب الأستاذ، يتم تسجيل الطرف الدائن دائمًا في الجانب الأيمن من القيد المحاسبي.
• زيادة الالتزامات وحقوق الملكية والإيرادات: أي زيادة في ديون الشركة (الالتزامات)، أو رأس مالها (حقوق الملكية)، أو مبيعاتها (الإيرادات) يتم تسجيلها كقيد دائن.

مثال عملي بسيط على الدائن:

بالعودة إلى مثال شراء جهاز الكمبيوتر، من أين أتت الـ 5000 جنيه؟ لقد خرجت من حساب “النقدية” (وهو أيضًا من الأصول). بما أن حساب النقدية هو الذي “أعطى” أو “قدم” القيمة، فإنه يصبح الطرف الدائن في هذه المعاملة. يتم تسجيل 5000 جنيه في الجانب الدائن من حساب النقدية.

وهكذا، يكتمل القيد المحاسبي المزدوج:

• مدين: حساب أجهزة الكمبيوتر (أصل زاد)
• دائن: حساب النقدية (أصل نقص)

هذا التوازن هو جوهر المحاسبة، حيث أن لكل عملية أخذ، هناك عملية عطاء مقابلة ومساوية لها في القيمة.

قاعدة الذهب في المحاسبة: شرح مبسط لطبيعة الحسابات

لفهم الفرق بين الدائن والمدين بشكل لا ينسى، يجب أن ننتقل من التعريفات البسيطة إلى “قاعدة الذهب” التي تحكم كيفية تأثر الحسابات المختلفة بالقيود المدينة والدائنة. تنقسم جميع الحسابات في المحاسبة إلى خمس فئات رئيسية، ولكل فئة “طبيعة” خاصة بها (إما مدينة أو دائنة). طبيعة الحساب تحدد ما إذا كان القيد المدين يزيده أم ينقصه.

لتبسيط الأمر، يمكننا تقسيم الحسابات إلى مجموعتين رئيسيتين:

المجموعة الأولى: حسابات ذات طبيعة مدينة (تزيد بالمدين وتقل بالدائن)

1. الأصول (Assets): كل ما تملكه الشركة وله قيمة اقتصادية مستقبلية.
   • أمثلة: النقدية، البنك، المخزون، العملاء (المدينون)، أجهزة الكمبيوتر، السيارات، المباني، الأراضي.
   • القاعدة: عندما تزيد الأصول، تجعل مدينة. وعندما تنقص، تجعل دائنة.
2. المصروفات (Expenses): تكاليف الأنشطة التشغيلية التي تتكبدها الشركة لتوليد الإيرادات.
   • أمثلة: الرواتب والأجور، الإيجار، فواتير الكهرباء والمياه، تكاليف التسويق، مصاريف الصيانة.
   • القاعدة: عندما تحدث المصروفات (تزيد)، تجعل مدينة. (من النادر جدًا أن يتم جعل المصروف دائنًا إلا في قيود التسوية أو الإقفال).

المجموعة الثانية: حسابات ذات طبيعة دائنة (تزيد بالدائن وتقل بالمدين)

3. الالتزامات (Liabilities): ديون أو تعهدات على الشركة تجاه الغير.
   • أمثلة: الموردون (الدائنون)، قروض البنوك، أوراق الدفع، ضرائب مستحقة.
   • القاعدة: عندما تزيد الالتزامات، تجعل دائنة. وعندما تنقص (عند سدادها)، تجعل مدينة.
4. حقوق الملكية (Equity): استثمارات المالكين في الشركة، بالإضافة إلى الأرباح المحتجزة.
   • أمثلة: رأس المال، الأرباح المحتجزة، الاحتياطيات.
   • القاعدة: عندما تزيد حقوق الملكية (بزيادة رأس المال أو تحقيق أرباح)، تجعل دائنة. وعندما تنقص (بتوزيع أرباح أو تحقيق خسائر)، تجعل مدينة.
5. الإيرادات (Revenues): المبالغ التي تكسبها الشركة من بيع سلعها أو تقديم خدماتها.
   • أمثلة: إيرادات المبيعات، إيرادات الخدمات، إيرادات الإيجار (إذا كانت الشركة تؤجر عقارًا).
   • القاعدة: عندما تتحقق الإيرادات (تزيد)، تجعل دائنة. (من النادر جدًا أن يتم جعل الإيراد مدينًا إلا في قيود التسوية أو الإقفال).

هذا الجدول هو خلاصة الفرق بين الدائن والمدين وكيفية تأثيرهما على أنواع الحسابات المختلفة (قاعدة الذهب):

هذا الجدول هو الأداة الأقوى لفهم الفرق بين الدائن والمدين. إذا حفظته وفهمته، يمكنك تحليل أي معاملة مالية وتحديد أطرافها الصحيحة.

شرح الدائن والمدين بأمثلة عملية من واقع الشركات

لن يكتمل فهم الفرق بين الدائن والمدين إلا من خلال تطبيقه على سيناريوهات من العالم الحقيقي.

النظرية وحدها لا تكفي. لترسيخ الفهم، دعنا نطبق قاعدة الدائن والمدين على مجموعة متنوعة من المعاملات التجارية التي تحدث يوميًا في أي شركة. في كل مثال، سنسأل أنفسنا: ما هي الحسابات التي تأثرت؟ ما هو نوع كل حساب (أصل، التزام، …إلخ)؟ هل زاد أم نقص؟ وبناءً على ذلك، نحدد من هو المدين ومن هو الدائن.

المثال 1: تأسيس الشركة
قرر أحمد بدء شركة استشارات برأس مال قدره 100,000 ريال، قام بإيداعها في حساب الشركة البنكي.

• التحليل:
  1. حساب “البنك” (وهو أصل) زاد بمقدار 100,000. الأصل عندما يزيد يصبح مدينًا.
  2. حساب “رأس المال” (وهو من حقوق الملكية) زاد بمقدار 100,000. حقوق الملكية عندما تزيد تصبح دائنة.
• القيد المحاسبي:
  • 100,000 من ح/ البنك (مدين)
  • 100,000 إلى ح/ رأس المال (دائن)

المثال 2: شراء أثاث مكتبي على الحساب (بالأجل)
اشترت الشركة أثاثًا مكتبيًا من “مفروشات العصر” بقيمة 20,000 ريال، على أن يتم السداد بعد شهر.

• التحليل:
  1. حساب “الأثاث المكتبي” (وهو أصل) زاد بمقدار 20,000. الأصل عندما يزيد يصبح مدينًا.
  2. لم يتم دفع نقدية، بل نشأ التزام (دين) على الشركة لصالح “مفروشات العصر”. هذا الحساب يسمى “الموردون” أو “الدائنون” (وهو التزام) وقد زاد بمقدار 20,000. الالتزام عندما يزيد يصبح دائنًا.
• القيد المحاسبي:
  • 20,000 من ح/ الأثاث المكتبي (مدين)
  • 20,000 إلى ح/ الموردون (مفروشات العصر) (دائن)

المثال 3: تقديم خدمة استشارية للعميل نقدًا
قدمت الشركة خدمة استشارية لعميل وحصلت على مبلغ 5,000 ريال نقدًا (كاش).

• التحليل:
  1. حساب “النقدية” (وهو أصل) زاد بمقدار 5,000. الأصل عندما يزيد يصبح مدينًا.
  2. حساب “إيرادات الخدمات الاستشارية” (وهو إيراد) زاد بمقدار 5,000. الإيراد عندما يزيد يصبح دائنًا.
• القيد المحاسبي:
  • 5,000 من ح/ النقدية (مدين)
  • 5,000 إلى ح/ إيرادات الخدمات (دائن)

المثال 4: دفع فاتورة الإيجار الشهري
قامت الشركة بدفع إيجار المكتب عن هذا الشهر وقدره 10,000 ريال عن طريق تحويل بنكي.

• التحليل:
  1. حدث “مصروف الإيجار” (وهو مصروف) بمقدار 10,000. المصروف عندما يحدث (يزيد) يصبح مدينًا.
  2. حساب “البنك” (وهو أصل) نقص بمقدار 10,000. الأصل عندما ينقص يصبح دائنًا.
• القيد المحاسبي:
  • 10,000 من ح/ مصروف الإيجار (مدين)
  • 10,000 إلى ح/ البنك (دائن)

المثال 5: سداد مستحقات المورد
قامت الشركة بسداد المبلغ المستحق لـ “مفروشات العصر” (من المثال 2) وقدره 20,000 ريال نقدًا.

• التحليل:
  1. حساب “الموردون” (وهو التزام) نقص بمقدار 20,000. الالتزام عندما ينقص يصبح مدينًا.
  2. حساب “النقدية” (وهو أصل) نقص بمقدار 20,000. الأصل عندما ينقص يصبح دائنًا.
• القيد المحاسبي:
  • 20,000 من ح/ الموردون (مفروشات العصر) (مدين)
  • 20,000 إلى ح/ النقدية (دائن)

المثال 6: الحصول على قرض من البنك
حصلت الشركة على قرض من البنك بقيمة 50,000 ريال تم إيداعه في حسابها البنكي.

• التحليل:
  1. حساب “البنك” (وهو أصل) زاد بمقدار 50,000. الأصل عندما يزيد يصبح مدينًا.
  2. نشأ التزام جديد على الشركة وهو “القروض” (وهو التزام) وقد زاد بمقدار 50,000. الالتزام عندما يزيد يصبح دائنًا.
• القيد المحاسبي:
  • 50,000 من ح/ البنك (مدين)
  • 50,000 إلى ح/ القروض (دائن)

من خلال هذه الأمثلة المتنوعة، نرى كيف أن قاعدة الدائن والمدين تطبق باستمرار، مما يحافظ على توازن المعادلة المحاسبية الشهيرة: الأصول = الالتزامات + حقوق الملكية. هذا التوازن هو قلب نظام القيد المزدوج الذي يعتبر أساس المحاسبة الحديثة.

الدائن والمدين في سياق الحسابات الشخصية: هل أنت دائن أم مدين للبنك؟

من أكثر المواقف التي يظهر فيها الالتباس حول الفرق بين الدائن والمدين هي عند التعامل مع كشوف الحسابات البنكية الشخصية.

كثيرًا ما يحدث الخلط عند تطبيق مصطلحات المحاسبة على تعاملاتنا المالية الشخصية، خاصة مع البنوك. عندما تستلم رسالة من البنك تفيد بأنه تم إيداع راتبك، قد تقول الرسالة “تم قيد مبلغ 10,000 ريال في حسابك”. كلمة “قيد” هنا تعني أنه تم تسجيله كـ دائن في دفاتر البنك. قد تتساءل: “كيف أكون دائنًا وأنا الذي أملك المال؟”.

هنا يكمن الفرق في منظور الرؤية. يجب أن تنظر للأمر دائمًا من وجهة نظر الجهة التي تسجل القيد.

• من منظورك أنت: المال الذي في البنك هو “أصل” لك. عندما يزيد، فهو مدين بالنسبة لك.
• من منظور البنك: أموالك التي لديه هي “التزام” عليه تجاهك. هو مدين لك بهذا المبلغ ويجب أن يرده لك عند الطلب. وبما أن حساب أموالك لديه هو التزام، فعندما يزيد هذا الالتزام (عند إيداع راتبك)، يجب أن يجعله دائنًا وفقًا لقواعد المحاسبة (الالتزام يزيد بالدائن).

والعكس صحيح. عندما تسحب مبلغًا من الصراف الآلي، فإن البنك يقوم بعمل قيد مدين على حسابك. لماذا؟ لأنه “سدد” جزءًا من التزامه تجاهك، والالتزام عندما ينقص يصبح مدينًا.

خلاصة العلاقة مع البنك:

• رصيدك في البنك هو أصل لك، ولكنه التزام على البنك.
• عند الإيداع: حسابك يصبح دائنًا في دفاتر البنك (لأن التزامه زاد).
• عند السحب: حسابك يصبح مدينًا في دفاتر البنك (لأن التزامه نقص).
  فهم هذا المنظور المزدوج يزيل الكثير من الغموض ويوضح تطبيق الفرق بين الدائن والمدين في الحياة اليومية.

شجرة الحسابات (Chart of Accounts): الخريطة الكاملة للدائن والمدين

لكي تتمكن أي شركة من تطبيق قاعدة الدائن والمدين بشكل منظم، لا بد من وجود “شجرة الحسابات”. هي ببساطة قائمة كاملة ومنظمة ومنهجية لجميع الحسابات التي تستخدمها الشركة لتسجيل معاملاتها المالية. تعمل هذه الشجرة كدليل أو خريطة، حيث يتم إعطاء كل حساب اسمًا ورقمًا فريدًا، وتصنيفه ضمن الفئات الخمس الرئيسية التي ذكرناها (أصول، التزامات، حقوق ملكية، إيرادات، مصروفات).

أهمية شجرة الحسابات تكمن في:

1. التوحيد القياسي: تضمن أن جميع المحاسبين في الشركة يستخدمون نفس أسماء الحسابات لنفس المعاملات، مما يمنع الفوضى.
2. التنظيم: يتم تنظيم الحسابات بشكل هرمي، مما يسهل إعداد القوائم المالية. على سبيل المثال، يتم تجميع كل الأصول المتداولة معًا، ثم الأصول الثابتة، وهكذا.
3. تسهيل التحليل: تجعل من السهل تتبع أداء حساب معين (مثل مصروفات التسويق) أو مقارنة الأرقام بين فترات مختلفة.

مثال مبسط لهيكل شجرة الحسابات:

• 1000 – الأصول
  • 1100 – الأصول المتداولة
    • 1101 – النقدية
    • 1102 – البنك
    • 1103 – العملاء (المدينون)
  • 1200 – الأصول الثابتة
    • 1201 – أراضي
    • 1202 – مباني
• 2000 – الالتزامات
  • 2100 – الالتزامات المتداولة
    • 2101 – الموردون (الدائنون)
    • 2102 – أوراق الدفع
• 3000 – حقوق الملكية
  • 3101 – رأس المال
  • 3102 – الأرباح المحتجزة
• 4000 – الإيرادات
  • 4101 – إيرادات المبيعات
• 5000 – المصروفات
  • 5100 – المصروفات التشغيلية
    • 5101 – الرواتب والأجور
    • 5102 – الإيجار

عند حدوث أي معاملة، يرجع المحاسب إلى هذه الشجرة لتحديد الحسابات الدقيقة التي تأثرت، ثم يطبق قاعدة الدائن والمدين لتسجيل القيد.

أخطاء شائعة في تحديد الدائن والمدين وكيفية تجنبها

خلال رحلة تعلم الفرق بين الدائن والمدين، يقع الكثيرون في بعض الأخطاء المتكررة. معرفة هذه الأخطاء هي الخطوة الأولى لتجنبها.

1. الخلط بين المعنى اللغوي والمعنى المحاسبي:

• الخطأ: الاعتقاد بأن “مدين” يعني دائمًا شيئًا سيئًا (دين على الشركة) و”دائن” يعني شيئًا جيدًا (رصيد للشركة).
• الحقيقة: كما رأينا، زيادة أصول الشركة (وهو أمر جيد) يتم تسجيلها كـ “مدين”. وزيادة ديونها (وهو أمر قد يكون سيئًا) يتم تسجيلها كـ “دائن”. المصطلحات المحاسبية هي مجرد أدوات لتحديد اتجاه حركة القيمة (يمين ويسار) ولا تحمل دلالات إيجابية أو سلبية في حد ذاتها.
• كيفية التجنب: تجاهل المعنى اللغوي وركز فقط على قاعدة الذهب وطبيعة الحسابات. اسأل نفسك: هل هو أصل، التزام، مصروف…؟ هل زاد أم نقص؟

2. عكس القيد المحاسبي:

• الخطأ: جعل الحساب الذي يجب أن يكون مدينًا دائنًا، والعكس صحيح. على سبيل المثال، عند دفع مصروف الإيجار، يتم تسجيل البنك كمدين ومصروف الإيجار كدائن.
• الحقيقة: هذا القيد خاطئ تمامًا ويعطي نتائج عكسية (يظهر كأن الشركة حصلت على إيراد من الإيجار وزادت نقديتها!).
• كيفية التجنب: التطبيق البطيء والمنهجي للقاعدة. امسك كل حساب على حدة. حساب “مصروف الإيجار” هو مصروف، وزاد، إذن هو مدين. حساب “البنك” هو أصل، ونقص، إذن هو دائن. لا تستعجل.

3. عدم توازن القيد:

• الخطأ: تسجيل مبلغ في الجانب المدين يختلف عن المبلغ في الجانب الدائن.
• الحقيقة: هذا يكسر المبدأ الأساسي لنظام القيد المزدوج. يجب أن يكون إجمالي المبالغ المدينة مساويًا دائمًا لإجمالي المبالغ الدائنة في أي قيد.
• كيفية التجنب: المراجعة الآلية. بعد كتابة أي قيد، اجمع جانب “منه” وجانب “له”. يجب أن يتطابق المجموعان تمامًا. البرامج المحاسبية الحديثة تمنع هذا الخطأ بشكل تلقائي.

4. استخدام حسابات خاطئة:

• الخطأ: عند شراء سيارة للاستخدام في الشركة، يتم تسجيلها تحت حساب “مصروفات النقل” بدلاً من حساب “السيارات” (أصل ثابت).
• الحقيقة: هذا الخطأ يؤثر بشكل كبير على القوائم المالية. تسجيلها كمصروف يقلل من أرباح الفترة الحالية بشكل كبير، ولا يعكس امتلاك الشركة لأصل جديد في الميزانية العمومية.
• كيفية التجنب: الرجوع دائمًا إلى شجرة الحسابات المعتمدة في الشركة. إذا كنت في شك، اسأل المحاسب المسؤول أو المدير المالي. الفهم الدقيق للفرق بين الأصل والمصروف هو أمر حاسم.

تجنب هذه الأخطاء يسرّع من عملية إتقان الفرق بين الدائن والمدين ويضمن دقة السجلات المحاسبية.

خلاصة القول: الدائن والمدين كوجهين لعملة واحدة

في نهاية هذه الرحلة، يجب أن يكون الفرق بين الدائن والمدين قد أصبح واضحًا تمامًا. هما ليسا عدوين، بل هما وجهان لعملة واحدة، يمثلان معًا قصة كل معاملة مالية تحدث في الشركة. المدين هو وجهة القيمة، والدائن هو مصدرها. المدين هو الجانب الأيسر، والدائن هو الجانب الأيمن.

إن إتقان هذه المفاهيم لا يجعلك محاسبًا فحسب، بل يجعلك قارئًا فطنًا للغة الأعمال. عندما تنظر إلى أي قائمة مالية، ستتمكن من رؤية ما وراء الأرقام، وفهم القصة التي ترويها: قصة عن النمو، عن الاستثمار، عن الكفاءة التشغيلية، وعن الربحية. كل ذلك يبدأ من فهم هذين المصطلحين البسيطين في ظاهرهما، العميقين في جوهرهما. تذكر دائمًا قاعدة الذهب وطبيعة الحسابات، وطبقها بهدوء ومنهجية، وستجد أن عالم المحاسبة قد فتح أبوابه لك على مصراعيها.

تذكر دائمًا أن كل قصة مالية ناجحة تبدأ بفهم دقيق لـ الفرق بين الدائن والمدين.

المراجع والمصادر للاستزادة:

1. كتاب “المحاسبة للمبتدئين” (Accounting for Dummies) بقلم جون أ. تريسي.
2. موقع Investopedia.
3. قناة “The Accounting Stuff” على يوتيوب.
4. المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS).